مركز إسطنبول المالي .. مدينة عالمية للاستثمار الدولي

تمتلك الدولة التركية طموحات كبيرة في المجال السياسي والاقتصادي على الصعيدين الداخلي والدولي، لا سيما المجال الاقتصادي المرتبط به العديد من الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية، حيث قد وضعت الحكومة التركية هدفا حتى عام 2023 بأن يصبح الاقتصاد التركي ضمن قائمة أقوى 10 أنظمة اقتصادية على مستوى العالم، وتسعى إلى زيادة حصتها في الناتج المحلي الإجمالي العالمي وإلى تطوير وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر فيها، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال مشروعات تتناسب مع حجم ذلك الطموح، ومن هنا جاءت فكرة مشروع "المدينة المالية الجديدة" أو "مركز إسطنبول المالي" المشروع الذي أعلنت عنه الدولة التركية عام 2019 لتكون إسطنبول مقرًا لها لتضاهي نيويورك ولندن وشنغهاي، وتهدف لجعل مدينة اسطنبول ذات الموقع الاستراتيجي مركزا ماليا عالميا.

جاء اختيار مدينة إسطنبول لعدد من الأسباب فهي تحتل موقعا مركزيا يتوسط دول البلقان وشمال إفريقيا والخليج والجمهوريات التركية، فضلا عن الموقع الجغرافي المهم الذي تتميز به تركيا، كما تعد إسطنبول المركز الاقتصادي والتجاري لتركيا وتهيمن على القطاع المالي والمصرفي بشكل كبير، كما تتوافر بها مزايا الأفضلية والابتكار لمباشرة الأعمال في الأسواق المالية الدولية، كما تمتاز المدينة ببنية ذات أفق عالمي وبمستوى معيشة مرتفع أيضًا، مما يحقق للمشروع الترويج الأمثل على مستوى العالم على النحو الأمثل، خاصة وأن الدولة تستهدف الشركات العالمية التي سيكون لها دورًا مهمًا في مجال التمويل.

لماذا مدينة إسطنبول

إجابة هذا السؤال تحظى مدينة اسطنبول بالنصيب الأكبر من المشروعات الاقتصادية الضخمة التي تنفذها الدولة التركية، ومن هذه المشاريع مطار اسطنبول الدولي، وقناة اسطنبول الجديدة، كما حققت زيادة في الاستثمارات العقارية واحتلت المرتبة الأولى في مبيعات العقارات في تركيا بأكملها العام الماضي، فالمدينة تشهد تطور مذهل في كافة القطاعات على الصعيد السياحي والاقتصادي وفي مجال الاستثمارات المباشرة وأيضا في مجال الاستثمار العقاري، كذلك في مجال التجارة والتصدير، إذ تحتل اسطنبول المركز الثاني في قائمة المدن الأكثر سكانًا في العالم بتعداد سكاني بلغ 13.5 مليون نسمة، كل ذلك جعل من المدينة واحدة من أهم المدن العالمية التي تحظى باهتمام كبير وهيئ لها بأن تكون واحدة من مراكز المال العالمي، ويعد المشروع تتويجًا لهذه الانجازات مما يزيد الإقبال على المدينة الساحرة، ليس فقط من أجل السياحة والتملك لكن أيضًا من أجل الاستثمار المالي الضخم الذي ستكون اسطنبول مركزه.

يعد موقع اسطنبول الاستراتيجي أحد أهم أسباب اختيارها مركزًا للمدينة المالية، فهي تربط بين آسيا وأوروبا، إضافة إلى مساحتها الواسعة وعدد سكانها الكبير وتنوع تضاريسها وسرعة معدلات النمو بها في السنوات العشر الأخيرة كل ذلك جعل إسطنبول وجهة السياح والمستثمرين الأساسية خلال السنوات السابقة.

أما على الصعيد الداخلي تتميز إسطنبول بقوة بنيتها التحتية التي تؤهلها لاستيعاب الملايين من الزوار سنويا، بدءًا من المطار الجديد الذي تصل سعته إلى 90 مليون مسافر سنويًا، مرورا بشبكة مواصلات قوية ومنتشرة تخدم الملايين يوميا للوصول إلى أعمالهم، فضلًا عن تدشين الحكومة التركية عددًا من المشاريع الضخمة على رأسها مشروع قناة إسطنبول الذي سيغير من شكل المدينة.

حول المشروع: 

يمتد مشروع المركز المالي على أرض تقارب مساحتها من 3 ملايين و200 ألف متر مربع، في القسم الآسيوي من اسطنبول، في منطقة تقع بين منطقتي حي أتاشهير وحي عمرانية، محاذيا خط التيم الدولي وهو يعد موقعًا استراتيجيا في مدينة إسطنبول،ويضم أكثر من 30 ألف موظف وفروع كبرى المؤسسات المالية والبنكية الشهيرة، وبهذا تكون المدينة المالية الجديدة هي الأكبر على مستوى أوروبا، ويتميز المشروع بتصميمه الفريد والمعاصر.

يتألف المشروع من 5 مراحل فهو بمثابة مدينة صغيرة، إذ يضم مجموعة متكاملة من المكاتب والوحدات السكنية وقاعة مؤتمرات وفنادق وأيضا مواقف للسيارات، ويشمل مخطط إنشاء المدينة المالية الجديدة على مجموعة من المشاريع الحكومية المجاورة والتي من شأنها تطوير البنية التحتية في منطقة المشروع وذلك من خلال خطوط المواصلات الجديدة التي من المقرر افتتاحها بالإضافة إلى استخدام تقنيات الطاقة المتجددة لضمان استمرارية العمل في المركز المالي.

تقوم شركة هوك العالمية بتصميم المركز المالي، وتعتمد الشركة في خطتها على أربع محددات وهي الثقافة والتجارة والوظائف المدنية والحكم، إذ يضم المشروع برجين مكتبيين في مركز إسطنبول المالي، إلى جانب جزر سكنية مقسمة إلى أحجام مختلفة، بالإضافة إلى الملاعب الداخلية والمناطق التجارية والمساحات المفتوحة في وضع يسمح لها بتطويق كل كتل البناء، إضافة إلى المساحات الخضراء والمناطق العامة المشتركة.

يتميز المركز بالتصميم المعماري الفريد إذ تم اختيار نخبة من أفضل المهندسين المعماريين لتشيد هذا البناء مع التركيز في المقام الأول على تلبية احتياجات البشر المعاصرة ومراعاة معايير الحفاظ على البيئة ورفع الجدوى الاقتصادية، فالمشروع يعد من مشروعات التنمية المستدامة، وقد أطلق على المشروع اسم "Finans Sehir" أو المدينة المالية وتم إدراجه مرتين في مجلة فوربس كأحد أهم الفرص الاستثمارية، ويتوقع العديد من الخبراء أن يكون مركز إسطنبول المالي العالمي الجديد نقلة اقتصادية لتركيا وسببًا في زيادة الاستثمارات الأجنبية وارتفاع الناتج المحلي فور العمل به، والذي من المقرر أن يبدأ العمل به في 2023 وسيكون فيه البنك المركزي وبورصة إسطنبول والإدارات العامة للبنوك، ليعمل في المركز 50 ألف موظف، ومن المقرر أن تضم مبانيه المكاتب الرئيسة للجهات المسيطرة على الأسواق المالية في البلاد، وجميع بنوك الدولة إلى جانب بنوك القطاع الخاص، وعلى عدد كبير من الفنادق، ومرآب للسيارات وقاعة للمؤتمرات، إضافة إلى 45 مليون قدما مربعا من المساحات المكتبية، والوحدات السكنية.

ما هي مواصفات المدينة المالية الجديدة في اسطنبول؟

يرى المتخصصون أن لمشروع المدينة المالية تأثيرًا إيجابيًا بمجرد افتتاحه سواء من تحسن في مستويات المعيشة في المنطقة، والذي بدوره سيجذب الاستثمارات الأجنبية. وسيعود بالفائدة على تركيا، ومن المقرر أن يقوم المركز المالي بعدة مهام منها: 

• فتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية المحتملة في السوق
• تقديم التسهيلات المطلوبة للحصول على تراخيص الاستثمار.
• ضخ المعلومات المتعلقة بالقطاعات الاستثمارية، وحماية الاستثمارات برزمة قوانين منظمة للعمل داخل المدينة.

مزايا مشروع مدينة المال

• مشروع عائلي وبنفس الوقت الاستثماري، إذ يعمل المشروع بنظام الهوم اوفيس حيث يمكن استخدامه للسكن أو للعمل والاستفادة من ضريبة القيمة المضافة المنخفضة عليه والتي تبلغ 1%
• قرب المشروع من الخدمات الحيوية منها وجود محطة مترو بجوار المشروع، قربه من به عدد من المدارس التركية، ومراكز تسوق التي تلبي كل الخدمات التي يحتاجها المستثمر.
• يقع على خط التيم الدولي وبالتالي الوصول إلى القسم الأوروبي بسهولة 
• يبعد المشروع 25 دقيقة عن مطار صبيحة وأقل من الساعة عن مطار إسطنبول الجديد